الجمعة، 16 يناير 2009

مثيرا الجدل ومؤكداً أصالة العلاقة .. العماد عون من دمشق: نزرع الأرز اليوم، فيراه الأحفاد شامخا

في الأمس، لم يكن عدوا لدودا قط، بل كان خصما نديا بحق، واليوم ، ليس هو ضيف سياسي كبير فحسب، فالجنرال الذي دخل دمشق من أبوابها السبع فاتحا قلوب اللبنانيين والسوريين على السواء لمستقبل أشد أخوة عما ذي قبل، كان خطاَ عريضا لكتابة التاريخ كما ينبغي أن يكون في زيارة تاريخية لسوريا مهد المسيحية وحصن العروبة، وقبل أن يعقد خلوته بأسد الشام، صافح العماد "ميشال عون" رئيس التيار الوطني الحر اللبناني ورئيس تكتل الإصلاح والتغيير الذي بدأ زيارته إلى سوريا الأربعاء 03/12/2008 الرئيس الأسد أمام أنظار العالم، وعلى الرغم من أنها المرة الأولى، إلا أن أحدهما لم يبدو غريبا عن الآخر، فكلا الرجلين سيّدان لا يساومان بالاستقلال، وكليهما لا يعرفان الخضوع والانسياق، وأي أحد منهما لم يعد عن عهد المقاومة والاستقلال في زمن الملمات.
العماد "عون" حدث مندوبي الوسائل الإعلامية الذين توافدوا لتغطية الزيارة عن لقائه بالرئيس الأسد، مبشرا بسياسة الرئيس الأسد حول مستقبل العلاقات السورية – اللبنانية، موضحا في المؤتمر الصحفي الذي عقده أنه ليس ثمة علاقة عداوة لا في الماضي ولا في الحاضر، وأن لبنان سوف لن يكون الخاصرة الرخوة التي يريد البعض منها طعن سوريا.
الرايات السورية واللبنانية إضافة إلى رايات المقاومة كانت مع جامعيي دمشق في استقبال العماد عون الذي اعتبر أن كل لبنان هو مقاومة حزب الله خلال حرب تموز 2006، حيث حاضر "الجنرال" على مدرج كلية الهندسة المدنية يوم الخميس 04/12/2008، مؤكدا أن انتصار المقاومة أذن لزمن الانتصارات بالبدء ماسحا زمن الهزائم من صفحات التاريخ، ليس هذا فحسب، بل إن العسكري العتيد رأى أن إسرائيل التي هزمت لم يعد بمقدورها الاحتلال بعد الآن، وفي أجواء بدت فيها الحفاوة والارتباك على الطلبة السوريين واضحة في حوار مع الزعيم اللبناني الاستثنائي الذي بدا متأملا حميمية تلك الأجواء ، جدد "عون" اعتقاده بأن إسرائيل لا تستطيع القيام بعدوان جديد على لبنان، مبديا تصميما لتوجيه العلاقة اللبنانية – السورية نحو الطريق المستقيم من جديد.
وقبل نهاية اللقاء، تلت السيدة "كوليت الخوري" الأديبة الدمشقية للجنرال بعضا من قيم التسامح والحضارة التي تتفرد بها سوريا، مضفية مزيدا من الدفء والارتياح للقاء الجنرال.
جدول زيارة العماد "ميشال عون" كان مليئا، حيث اطلع على الآثار المسيحية التاريخية جائلا في صيدنايا وحمص وحلب على الكنائس والأديرة المسيحية، حاملا الرسالة عن أن التلاقي السوري اللبناني حتمية تاريخية وكمثل التلاقي الذي تم في كل المدن السورية سيكون مستقبل العلاقات بين البلدين.
وكان العماد "عون" قد انضم في مدينة حلب إلى مأدبة الغداء التي أقامها على شرفه السيد الرئيس "بشار الأسد" تجديدا لحرارة الترحيب والحفاوة التي قوبل بها زعيم التيار الوطني الحر في لبنان أثناء زيارته سوريا.
زيارة الأيام الخمسة التي لوعت قلوب العذال، والتي رأى فيها موقع التيار الوطني الحر على الانترنت الذي يتزعمه العماد " ميشال عون" تحقيقا لحلم رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني لمصالحة مسيحيي الشرق مع محيطهم الإسلامي، مسقطا من أذهانهم من خلال رحلته الروحانية في سوريا أوهام الانغلاق والتصادم، اختتمها الجنرال يوم الأحد 07/12/2008 بترديد تراتيل التمجيد والصلاة لسلام سوريا ولبنان ضمن القداس الاحتفالي الذي تم لأول مرة على ضريح مار مارون شفيع الطائفة المارونية برئاسة ورعاية سيادة المطران "يوسف أنيس أبي عاد" رئيس أساقفة حلب للموارنة في منطقة براد شمالي حلب.
القداس الذي تزامن مع إعداد مسلمي سوريا لاستقبال عيد الأضحى المبارك، خاطب من خلاله العماد "عون" المسلمين في سوريا والعالم مهنأً:«إن احتفالاتنا مشتركة وهذا هو العيش المشترك وهو نداء دياناتنا السماوية وتوصياتها».المطران "أبي عاد" لفت مفتخرا بنسيج اللحمة الوطنية التي تتمتع بها سوريا، منوها بقيادة الرئيس الأسد الحامل لرايات الحضارة السورية العريقة ليعتز شعب هذه الحضارة بجمالاتها المشرقة، مقدرا زيارة العماد "عون" بالاحترام مصليا لأن تكون أعماله كلها في سبيل الوفاق وزرع التقارب بين الأشقاء، مهنئا مسلمي سوريا والعالم بحلول الأضحى المبارك.العماد "عون" غادر دمشق، وتبقى الذكرى، والزيارة الرسالية التي أتمها في سوريا عراب التغيير والإصلاح في لبنان، كشفت في صلاة للعودة إلى الينابيع والجذور لأن الأغصان التي تقطع من جذورها لا تعيش، أن سوريا المتفردة بانسجامها الروحي تبقى قبة هدىً في بث السلام.



ابراهيم حريب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق